• ليس في تعليم القرآن نسخ شريعة بشريعة.
• كما فسر الزمخشرى والبيضاوى سورة الشورى الآية 13) والمائدة الآية 47)
والانعام الآية 114):
• يعلن وحدة الاصل في الدين والشريعة مع الاستقلال والاختلاف في فروع الشرع وهذا الاختلاف في الفروع الشرعية لا ينقض وحدة الأصول فيها وكم بالأحرى وحدة التوحيد.
يقول القرآن في أول العهد بالمدينة بعد تغيير القبلة في الصلاة وهى عنوان تغيير المذهب والملة: ” ولكل وجهة هو موليها: فاستبقوا الخيرات “ ( البقرة الآية 148 ) أمة من الموحدين قبلة في صلاتهم ولاهم الله إياها ليتسابقوا في عمل الخير والصلاح: فلا تنسخ قبلة قبلة !
وفى منتصف العهد يصرح: “وَلِكُلِّ أُمَّةٍ جَعَلْنَا مَنسَكًا لِّيَذْكُرُوا اسْمَ اللَّهِ عَلَىٰ مَا رَزَقَهُم مِّن بَهِيمَةِ الْأَنْعَامِ ۗ فَإِلَٰهُكُمْ إِلَٰهٌ وَاحِدٌ فَلَهُ أَسْلِمُوا ” ( الحج الآية 34)
يقول: ” لكل جماعة مؤمنة سلفت قبلكم جعلنا ذبحاً وقرباناً ( أو مكان ذبح وقربان ) ليذكروا اسم الله عند ذبحها , فإلهكم إله واحد فله اسلموا ” فتنوع طرائق العبادة لا يعتبره القرآن اختلافاً في التوحيد ! فلا تنسخ ضحية ضحية ! ويقول أيضاً: ” لكل أمة جعلنا منسكاً هم ناسكوه: فلا ينازعنك في الامر “
( الحج الآية 67 ) أي ” لكل امة جعلنا شريعة هم عاملون بها فلا تنازعنهم في الأمر , وادع إلى دين ربك إنك لعلى دين مستقيم ” ( تفسير الجلالان ) فاختلاف الشريعة لا يعني اختلاف التوحيد حتى ولا نسخ الشريعة السابقة.
• وفى آخر العهد بالمدينة
• يقر أهل التوراة على دينهم ( المائدة الآية 48 ) وأهل الإنجيل على حكم كتابهم وأهل القرآن على تشريعه ويختم بقوله: ” لكل جعلنا منكم شرعة ومنهاجاً ولو شاء الله لجعلكم أمة واحدة. ولكن ليبلوكم في ما آتاكم فاستبقوا الخيرات , إلى الله مرجعكم جميعاً “
• فسره الجلالان:
” لكل جعلنا منكم أيها الأمم شريعة وطريقاً واضحاً في الدين تمشون عليه ولو شاء الله لجعلكم على شريعة واحدة ولكن فرقكم فرقاً ليختبركم فيما آتاكم من الشرائع المختلفة , لينظر المطيع منكم والعاصي , فسارعوا إلى الخيرات “. وهكذا فقد أقر القرآن كل أمة من امم التوحيد على شرعها المختص بها وهذا الاختصاص بشرع مختلف لا ينقض وحدة الشريعة الأصلية , ولا وحدة العقيدة الدينية.
فالقول بأن القرآن نسخ شريعة الكتاب افتراء على الاثنين: روح القرآن ونصه يقضيان عليها قضاء مبرماً: فنظرية القرآن تؤكد وحدة الإيمان , ووحدة الشريعة الأساسية , مع اختصاص واختلاف في الاحكام الثانوية لكل من اليهود والنصارى والمسلمين ؛ وقد صرح ببقاء شريعة الإنجيل والتوراة ملزمة لأهلها , كما أعلن أن أحكام القرآن لا تلزم سوى أهله .
والقائلون ببدعة النسخ لا سند لهم سوى آية النسخ هذه: ” مَا نَنسَخْ مِنْ آيَةٍ أَوْ نُنسِهَا نَأْتِ بِخَيْرٍ مِّنْهَا أَوْ مِثْلِهَا ۗ أَلَمْ تَعْلَمْ أَنَّ اللَّهَ عَلَىٰ كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ ” البقرة الآية 106
في أسباب النزول: ” أخرج ابن أبى حاتم من طريق عكرمة عن ابن عباس قال: ربما نزل على النبي الوحى بالليل ونسيه بالنهار فأنزل الله الآية ( ما ننسخ ). قال الجلالان: ” لما طعن الكفار في النسخ وقالوا: أن محمداً يأمر أصحابه اليوم بأمر وينهى عنه غداً نزلت: ومعناها ما ننزل حكم آية , مع لفظها أولاً , أو نمحها من قلبك , نأت بأنفع منها للعباد في السهولة أو كثرة الأجر “. قال البيضاوي: ” نزلت لما قال المشركون أو اليهود: ألا ترون إلى محمد يأمر اصحابه بأمر ثم ينهاهم عنه ويأمر بخلافه… ونسخ الآية بيان انتهاء القيد بقراءتها أو الحكم المستفاد منها أو بهما جميعاً “. وهكذا أنزلت الآية رداً على شكوك المشركين والكتابيين والمسلمين في تبديل أي القرآن , والآية صريحة على اقتصار النسخ على آيات القرآن , يقع فيها ومنها وعليها , لا يتعداه إلى سواها. وعليه قال السيوطي: ” إن النسخ مما أختص به الله هذه الأمة “.فنقلوا فكرة النسخ المحصورة في القرآن إلى أمم أخرى وعمموها على الكتب المتقدمة ؛ بينما خصها القرآن بآية فقط.
فلا أساس على الإطلاق في الآية وما حولها من معنى نسخ دين بدين وكتاب بكتاب وشريعة بشريعة.
بل بالعكس يلزم القرآن كل أمة بالتقيد بشريعتها ويفرض القرآن على النبي والمسلمين احترام شريعة الإنجيل والتوراة وأحكامها
وقد يقول قائل أن القرآن كمال النبوة ومحمد خاتم النبيين وقد تضمن كتاب النبي الأمي ” تفصيل الكتاب ” كله ( يونس الآية 37 ) فلا حاجة بعده إلى نبي او كتاب سابق أو لاحق: فهو يكفى وحده. – لقد نسى هؤلاء القوم ان القرآن يعتبر الكتاب المقدس إمامه
ومحمد نفسه يعلن أنه كان يقتدى بأنبياء الكتاب ويتبع هداهم
فكيف يقولون أنه ينقض نبوتهم وينسخ رسالتهم ويستغنى عن كتبهم ! ويصرح القرآن بأن محمداً كان يتبع الكتاب والقرآن على السواء: ” قالوا سحران تظاهرا , وقالوا إنا بكل كافرون ! – قل فأتوا بكتاب من عند الله أهدى منهما اتبعه ان كنتم صادقين ” ( القصص الآية 49 ) ألا يليق بنا ان نقتفى اثار النبي العربي فنتبع الكتاب الذى كان إمامه ونقتدى بهدى انبيائه؟
ونختم بدليل عام على استحالة نسخ القرآن للكتاب المقدس والاسلام لدين الإنجيل والتوراة
من تصريحات القرآن بأنه ” لا مبدل لكلمات الله ” ( الأنعام الآية 34 والآية 115 )
بنقض او خلف ( الجلالان ). فلا تبديل لوحي الله: ” وأتل ما أوحي اليك من كتاب ربك: لا مبدل لكلماته ” ( الكهف الآية 27 ) ولا تبديل لمواعيد وحيه: ” الذين آمنوا وكانوا يتقون لهم البشرى في الحياة الدنيا والآخرة:
لا تبديل لكلمات الله , ذلك هو الفوز العظيم ” ( يونس الآية 64 ) قال البيضاوي ” لا تغيير لأقواله ولا اخلاف لمواعيده “. كيف يعلن القرآن ان كلام الله لا يبدل , والإنجيل ” إنه إلى ان تزول السماء والارض لا يزول من الناموس ياء ولا نقطة حرف حتى يتم الكل ” ونفتري نحن عليهما ببدعة النسخ.
فنسخ دين بدين وكتاب بكتاب وشريعة بشريعة ,
ونسخ الاسلام والقرآن للإنجيل والتوراة
إنما هي بدعة مغرضة وفرية مفضوحة لا أثر لها في القرآن الكريم. فالقرآن يهتدى بهدى
الكتاب المقدس وقصصه وسننه ويهدى بها وإليها , فلا ينسخها ولا ينقضها ولا يبطلها ولا يستغنى عنها. والنسخ المذكور في القرآن ( البقرة الآية 106 ) يقتصر على أن القرآن وحده لا يتعداه إلى سواه:
“مَا نَنسَخْ مِنْ آيَةٍ أَوْ نُنسِهَا نَأْتِ بِخَيْرٍ مِّنْهَا أَوْ مِثْلِهَا “.
القرآن يشهد بالصحة للكتاب المقدس الموجود في زمانه (في سورة البقرة الآية 121 )
(الَّذِينَ آتَيْنَاهُمُ الْكِتَابَ يَتْلُونَهُ حَقَّ تِلَاوَتِهِ أُولَٰئِكَ يُؤْمِنُونَ بِهِ ۗ وَمَن يَكْفُرْ بِهِ فَأُولَٰئِكَ هُمُ الْخَاسِرُونَ )
ومعنى يتلونه حق تلاوته أي يقرؤونه كما أنزل